عرض المقال
«الحجار ومنير» كوكتيل المتعة ولقاء السحاب
2014-03-01 السبت
أن تجلس لتستمع إلى محمد منير، وهو يغنى مع على الحجار «دويتو» على نفس المسرح، وبنفس الفرقة الموسيقية، لكن كل بإحساسه، فأنت أمام وجبة متعة شهية، ورحلة تحليق سحرية ورقصة نشوة أسطورية، هذا ما حدث معى، ومع كل الحاضرين فى الحفل الذى أقامته قناة «التحرير»، مصر كبيرة قوى بفنها، مصر عظيمة قوى بمبدعيها، هو ده قلبها وعقلها، ووجدانها وفنها اللى عمرهم ما حيموتوا أبداً، كلمات همست بها إلى نفسى، وأنا أتمايل مع العملاقين الرائعين منير والحجار، وتساءلت: كيف يتسلل، ثم يسيطر ويسود وينتصر الفن الفاسد الطفيلى، ومثل منير والحجار بيننا يمتعان المصريين بهذا الفن الساحر؟، كيف تسود ثقافة الميكروباص فى عالم الغناء، وهما يعيشان ويبدعان بمثل هذا التميز وبمثل هذه الروعة؟، أرابيسك الجمال «هاند ميد» من حنجرة منير الملائكية، وحنجرة الحجار العفية أطل الحضور من نافذته السحرية على خضرة مصر، واتساع حضن مصر ودفء مصر، ونظرتها الحانية وعتابها لكل من سمح بتجريفها لعصابة من سماسرة الدين، يغنى منير باحبك وانطلق عصفور وينشد الحجار الليلة يا سمرا، والجميع يتمايل طرباً وذوباناً فى محراب الفن المصرى الخالد، شاهدت أجانب فى الحفل منبهرين مشدوهين على هذا الإعجاز الفنى المتميز، لمس شغاف القلب وطبطب بحنان على جرحنا المفتوح، بدلاً من فن يضع الملح فيه ويصب الخل ويكويه بالنار، لم أستطع أن أغالب دموعى وأنا أستمع إلى بوابة الحلوانى، تذكرت عبقرياً آخر ذاب فى حب تراب هذا البلد اسمه بليغ حمدى، صوت على الحجار فلتة فى زمن صناعة الصوت بالتكنولوجيا، يدخل قلبك بلا استئذان، يحلم معك أحياناً، ويهزك أحياناً، ولكنه دوماً يقبل جبينك، ويغسل وجدانك ويحلق بك فى فردوس الفن بأجنحة الشجن، صوت محمد منير مصرى بامتياز، كريستال الماس حينما يتحول إلى نغم شارد فى الفضاء يحط كاليمام على كتف طفل، فيطمئن ويهدأ ويمارس شقاوته باطمئنان وأمان، شكراً للحجار ومنير لقاء السحاب وكوكتيل المتعة.